معبد الذات
“Ma’abad Al-Zat” a short story by Osama Salti, Damascus 10/9/2004
معبد الذات
في المعبد وعند غروب الشمس، أيقن أنه سيرى غروب الشمس لآخر مرة في حياته. قالوا له بأن الحياة الأخرى التي سيذهب إليها بعد لحظات بيضاء، ناصعة، مليئة ومفعمة بالأضواء، وأنه سيلقى الشمس التي لا تغيب أبدا.
جثا على ركبتيه بينما تقدم إليه كبير الكهنة تتقدمه عصاه الذهبية، وضع العصا على رأسه متمتماً بصلواتٍ كثيرة.
خلفه على حجارة ضخمة يقف صنمٌ منتصب، يحمل بعداً للدنيا في عينيه الواسعتين، وضحكة شريرة تقف خلف يده الممتدة باتجاهه وتشير إليه بسكين ضخمة. لطالما تخوف من غموض هذا الإله المتحجر.
ـ اليوم من كل سنة، علينا أن نضحي بذاتِ ابنٍ لنا.
قالها كبير الكهنة بعد أن أنهى صلاته الهادئة.
ـ ستلقى ذاتك هناك، في ذاك العالم، حين تلقى إلهنا دون هذه الحجارة التي تجسده.
ورفع سكيناً تشبه سكين الإله نحو رقبته.
شعر بألم كبير سرى في جسمه وبضوء قوي، وما إن فتح عينيه حتى استوعب ضوء مصباح كهربائي موجهاً نحو وجهه.
ـ من أنت؟ بالتفصيل الممل… اسمك… عمرك، عنوانك؟
قالها كبير المحققين، يجلس قبالته تتقدمه عصا خشبية نحو وجهه.
ـ لا أعلم! لا أذكر شيئاً…
قالها خائفاً، ترتعش أصابعه.
أبعد المحقق الضوء عنه. اتضح وجه المحقق، كان يشبه الفتى تماماً، لا بل كأنه يرى نفسه بالمرآة.
أخذ يحدق أكثر…نفس الأنف، العينان، الشعر، والصوت أيضاً.
استدار إلى الخلف ليرى صورة كبيرة لرجل يرتدي سترة عسكرية ونظارة سوداء، يمد يده نحوه حاملا مسدساً ويبتسم ابتسامة شريرة. نظر إليه مجدداً كان ذاك الرجل في الصورة نسخة عنه، لا بل هو نفسه، نفس الشعر، الفم، الأنف، وحتى انتصابته.
ـ لم تجبني على سؤالي. من أنت؟؟ اسمك.
ـ أنا… أنا ! أنت هو أنا !
ضحك المحقق ضحكة تستجر الكثير من نظرات الحقد.
ورفع يده فوق رأسه مصوباً إليه بمسدس يشبه ذاك الذي يحمله الرجل ذو السترة في الصورة.
شعر بألم شديد، نفس الألم السابق.
وما إن فتح عينيه مجدداً حتى وجد نفسه منتصباً دون حراك في إطار خشبي في صورة، في الحائط، ينظر إلى المحقق بعين واحدة.. وبالعين الأخرى كان يلقى جسده المتحجر فوق كومة حجارة، يسجد إليه كبير الكهنة وتعلو الصلوات له في معبد ذاته.
أسامه السلطي
دمشق، 10/9/2004