الأغبياء
“Al-Aghbya’a” a short story by Osama Salti, Damascus 6/6/2005
الأغبياء
كنت جالساً على حافة الجسر الحجري القديم، مسنداً ظهري لكتله الحجرية الضخمة، وأخذت قصاصة ورق ورحت أرسم ما تفضي به مخيلتي. وإذ بشابٍ صغير يعبر الجسر، يحمل بكل يدٍ دلواً معدنياً تفيض منه ثمار التفاح، وقد أنهكه عناء حملهما، وصار بين خطوة وأخرى يتأرجح كالسكير فتقع من الدلاء بضع تفاحات وتتدحرج فيسرع خلفها ويرجعها إلى الدلو، ثم ما تلبث أخرى أن تقع فيميل وهو ممسك بالدلاء ليلتقطها فتسيل حبات التفاح كالماء المصبوب على أرض الجسر، ومازال كذلك حتى جذبه تعبه إلى الأرض وجلس قبالتي.
رحت أقول لنفسي، لو كان يملك هذا الشاب قدراً من الفطنة لوضع غطاءً يستر به التفاح فلا يقع. أو ربما نقلهم على دفعتين. فسألته دونما تفكير:
ـ هل تعرف أيها الشاب لماذا خلق الله أغبياء وأذكياء؟
ففتح فاه ثاغراً ثم أجاب:
ـ طالما يوجد أذكياء فهناك أغبياء.
وشعرت كأنما جملته كانت بصيغة استفهامية فصمتُ.
آنذاك مر أمامنا عجوز ذو لحية طويلة. فألقى السلام علينا فسألته:
ـ لماذا خلق الله أغبياء في الدنيا؟
فابتسم لي ابتسامة كشرت عن أسنانه المتساقطة وأردف:
ـ كي لا يخلق أغبياء في الآخرة…
وضحك قائلاً: هي حكمة من الله، ولا أعلم لها جواباً!
ونزل يشرب من ماء النهر تحت الجسر. فقدم رجل يبدو وكأنه “باشا” من العثمانيين، أولئك الذين يتهادون في مشيتهم ويقفون ليحدقوا في ساعاتهم الذهبية المعلقة في بدلاتهم الفخمة. فاستوقفته سائلاً:
ـ لماذا خلق الله الأغبياء؟
ـ لماذا خلق الله أغبياء! الجواب واضح، الأذكياء يحتاجون الأغبياء للعمل لديهم وفي خدمتهم، كل أولئك العمال والفلاحين لا حول لهم في التفكير إلا ما يمليه عليهم أربابهم من الأوامر في العمل. خُلق الأغبياء ليعيش الأذكياء!
ولما همّ يتهادى من جديد، مر شاب بيننا يمسك زجاجة مشروب أو بقايا مشروب جعله سكيراً وقد فاحت منه رائحة سهرة حتى الصباح.
اقترب من الشاب ذي التفاح وأمسك تفاحة وراح يأكلها فسألته:
ـ هل لك أن تقول لي لماذا خلق الله الأغبياء؟
فأجاب ببطء شديد وتلعثم:
ـ بربك أنت أجبني….قل لي…كيف ستكون الدنيا دون الأغبياء؟
وضحك ضحكة طويلة ثم أكمل:
ـ على من سوف نضحك ونستهزئ؟! هه..! هيا أجب على سؤالي كم من نكتة وطرفة سمعتها عن الأغبياء… أنا ما كنت لأعيش لولا الضحك، وما كان ليبقى الضحك دونهم.
في تلك الأثناء، رفع الشاب ذو التفاح دلاءه ومشى يكمل عبور الجسر، وكاد أن يسبق الرجل البرجوازي المتهادي لولا أنه اصطدم بفتاة حسناء عند نهاية الجسر فأوقعها أرضاً ووقع التفاح وانتثر في كل مكان. فسارع الرجل البرجوازي نحو الفتاة، والشاب السكير رمى بالزجاجة والتفاحة ولحقها.
ومر العجوز كالسهم السريع صوبها مبتسماً ومكشراً عن أسنانه!
كان مشهداً خلاباً… البرجوازي يناولها منديله والسكير يحوم حول جسمها، والعجوز أمسك يدها ليرفعها عن الأرض وكاد أن يقبلها! وأطلق جميعهم ابتسامات وكلمات رقيقة ومواسية. والشاب ذو التفاح يلملم التفاح ويضعه في الدلو ليسقط من جديد.
أسامه السلطي
دمشق، 6/6/2005
بصراحة خطيرة
فيها تشوييييييييييييق
🙂
كتبت نفس السؤال في محرك قوقل فخرجت لي هذه.
القصة هههه لم اجد الجواب بعد
☹️القصة جميلة لكنها قصيرة